1 ــ النشأة
من قلب المزارع جائتْ ..
وفوق سيارات النقل الضخمة وضِعتْ ..
وفى أسواق الخضار عُرضتْ ..
ولكنها لم تبق أبدا على حال ..
إنها الطماطم .. ولكن ..
ليست كأى طماطم ..
إنها طماطم مصرية ..
خالصة ..
***
2 ــ يوميات
"يا أمو حموئاااااة ... أنت رايحة السوق يا أختى؟ "
هكذا هتفت (سنية) ، زوجة المعلم (فرج) القهوجى ، للمدعوة (أمو حموئة) وهى فى طريقها الى السوق .. كيف علمت انها ذاهبة الى السوق؟ .. هذه المشية المتئدة الموحية بالإعتياد والملل والحقيبة القماشية العريضة ذات الجيب والتى تعرفها سنية جيدا .. كلها دلائل تدل على أن (امو حموئة) لو لم تكن ذاهبة الى السوق فهى حتما ذاهبة الى السوق ..
" اصّبحى بالخير يا سنية يا اختى .. ايوة عايزة حاجة؟ "
"كنت عايزة نص كيلو قوطة .. الهى ربنا يخليك يا اختى يارب"
" من عينيا يا سنية .. ساعة زمن وتكون عندك يا حبيبتى "
ولما مرت الساعة وتلتها اخرى واخرى ولم تعد (ام حموئة) ، كان القلق يعصف بنفس (سنية) .. كانت فرِحة لأنها لن تذهب الى السوق من أجل نصف كيلو طماطم .. ولكن الوقت مضى دون ان تعد الجارة .. ترى ماذا ستقول لزوجها المعلم (فرج) عندما يأتى للغداء ؟ سيتهمها بالإهمال ويسمعها كلماته المنتقاة بعناية من مجتمع القهوة وربما يصل الأمر الى معركة بالأيدى .. وفى نفسها اعترفت أنه سيكون محقا لو فعل .. ولكنها لن تستسلم بسهولة .. ستدافع عن وجودها كأفضل ما يكون ..
تك تك تك " سترك يارب " ... تك تك تك تك .. " أيوة حاضر صبرك ياللى على الباب دهدى !"
وأتجهت فى خطوات وجلة وقلبها يخفق وعقلها يصور لها المأساة التى ستقع بعد قليل ، وأمتدت يدها الى الباب لتفتحه و ... وشهقت فى قوة ..
" (أمو حموئة) .. ايه اللى عمل فيك كدا يا اختى؟ "
كانت المذكورة قد عادت بهيئة مزرية ، وهى تلهث فى قوة من اثر صعود السلم .. أشارت بيدها فى تعب فافسحت لها (سنية) الطريق .. وقبل ان تغلق الباب فوجئت بصبى زوجها وهو يقول لاهثا : " يا ست سنية .. المعلم فرج بيقولك إنه هيتأخر شويتين .. بيقولك أتغدى أنت "
أغلقت الباب وهى تتنهد فى ارتياح غامر ثم التفت الى الجارة التى جلست على أريكة مواجهة لباب الشقة وأسرعت اليها هاتفة فى جزع :
" خير يا أختى ايه اللى حصل ؟ "
أجابتها : " أسكتى يا اختى .. دا أنا ماكونتش راجعة خالص لولا ستر ربنا "
ضربت سنية صدرها بكف يدها وهى تقول :
" ليه يا أختى كفا الله الشر .. ايه اللى حصل ؟"
أخذت "امو حموئة" نفسها وقالت :
" أنا يا ختى كنت رايحة السوق فى أمان الله .. دخلت على البياع الاولانى .. يقوللى كيلو القوطة بعشرة جنيه .. سيبته ورحت على التانى يقولى بتسعة .. قلت ألف لفة واجيب الحاجة اللى عايزاها الاول وبعدين أبقى أشوف حكاية القوطة دى .. وفجاة عينك ما أتشوف إلا النور "
عادت سنية تضرب صدرها بيدها وتهتف " خير يا أختى خناقة ؟ " ..اجابت " ياريتها كانت خناقة يا أختى .. فجأة لاقتلك السوق كله أتملا عساكر واتقفل من كل ناحية .. لا البياعين عرفو يبيعو ولا أحنا عرفنا نشترى .. وفين وفين على ما عسكرى ابن حلال قالنا على اللى حصل .. أتارى يا اختى كان فيه مركب معدى "
شهقت سنية وكررت الكلمة " مركب ؟!! مركب ايه يا أختى سلامة عقلك "
" هو اللى قالنا كدا .. وقال كمان إن رئيس الوزرا راكب فيه .. ورايح يفتح مصنع جديد بتاع واحد مستسمر (مستثمر) والمصنع دا بيعمل علب صلصة "
" طب وأنتو مالكم ومال الحكاية دى ؟"
" ما أنا لما سألت جدع بياع ابن حلال فهمت وكمان عرفت ليه القوطة غالية كدا .. الجدع بيقول إن كان فيه كردون على الطريق اللى هيعدى فيه المركب .. وإن تاجر قوطة كبير كان جاى بعربية نقل محمل عليها ييجى عشروميت كيلو قوطة .. ولما وصل لحد قبل السوق مرديوش يخلوه يعدى فضل يتحايل عليهم ويقولهم يا أخونا عايز ألحق السوق قبل ما يشطب وبردو مرديوش .. والطريق وراه كان زاحمة فا معرفش يرجع .. المهم الراجل أتفاهم مع الأمنا .. قالولو هنسيبك تعدى بس بسرعة .. أحسن لو حد شافك هتبقى مصيبة .. الراجل ركب العربية ويدوب لسه بيعدى الشارع راح كام قفص من العربية وقعوا على الطريق اللى المركب هتعدى فيه .. والمصيبة يا أختى إن كان خلاص فاضل سوانى .. راح الراجل ساب الاقفاص اللى وقعت وطلع يجرى بالعربية .. وأول ما الموتسكلات ظهرت .. لقت القوطة واقعة وقبل ما واحد منهم يفرمل .. كان أتزحلق على القوطة ووقع على الأرض .. وعلى طول كانت تلات أربع عربيات بوليس كانت بتجرى ورا العربية .. والدنيا أتقلبت .. راحو هجمين على السوق ومنعوا أى حد يدخل أو يخرج .. لحد ما نضفوا الشارع والمركب عدى "
" طب والراجل بتاع القوطة .. عملوا فيه ايه؟ "
" أسكتى يا أختى .. دا قبضو على كل بتوع القوطة اللى فى السوق وصادروا العربية بالقوطة اللى فيها .. أوم لما رئيس الوزرا عرف .. راح واخد العربية بالقوطة اللى عليها لصاحب المصنع اللى كان رايح يفتحه .. وعشان كدا راح البياعين مزودين فى السعر أكتر .. تصدقى يا أختى إنى جبتلك النص كيلو بسبعة جنيه ؟ "
شهقت سنية قائلة " سبعة جنيه يا أمو حموئة .. يا أختى ماكونتيش جبتى ..."
ردت الجارة " طب وكونتى هتطبوخى إزاى ؟"
هبت سنية من فوق الأريكة وقد تذكرت الغداء وزوجها والمعركة المرتقبة وصرخت " يالهوى .. دا أنا نسيت الغدا .. والراجل زمانه جاى "
وفى تلك اللحظة سمعت دوى الباب ..
طك طك طك ... طك طك طك .. "أفتحى يا ولية " ..
ولما دخل ألقى نظرة اشمئزاز على امو حموئة وهو يقول :
" فين الغدا يا ولية؟ أنت لسة ما عملتهوش ؟ "
****
3 ــ خبر فى النشرة
وفى تصريح له قال الدكتور (عفيف) رئيس مجلس الوزراء انه فى إطار تشجيع الدولة للإستثمارات ، فهى تقدم دعم مجانى للمشروعات لتشجيع المستثمرين وتهيئة مناخ الأستثمار فى مصر .. كما أكد سيادته على أن الدولة تعمل على مكافحة الكوسة المنتشرة عن طريق منع الطماطم وترشيد أستهلاكها مما ادى الى شعور خاطيء لدى المواطن بإرتفاع سعر القوطة ...
تمت
بقلم / أحمد رشاد
Tuesday, December 18, 2007
حمرا يا طماطم ... (قصة ساخرة )
حمرا يا طماطم
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment